عُرف السلطان عبد الحميد الثاني في لسان الشعب “السلطان حميد”. درس الخط والعربية والفارسية والأدب العثماني والعلوم الإسلامية على يد علماء العصر بدءاً من سنة 1850م، وأتم دراسة صحيح البخاري وحصل على الإجازة، وتعلم السياسة والإقتصاد على يد وزير المعارف في ذلك الزمان، والتاريخ العثماني من كاتب الوقائع لطفي افندي، وهو ما يفسر سعيه ليكون عالما في الدين والسياسة وأمور الدولة.
انتسب “السلطان حميد” الى الطريقة الشاذلية أحد الطرق الصوفية، وتلقى كذلك دروساً في الطريقة القادرية في عام 1879م، ثم انتسب الى الطريقة النقشبندية أواخر عمره..
ويشبه “السلطان حميد” عمه السلطان عبد العزيز في نمط حياته؛ فهو شرقي عثماني مختلفاً عن والده السلطان عبد المجيد أو أخيه مراد الذين كانا يميلان الى الأطباع الغربية، كما اشتهر بين الناس بأنه من أولياء الله؛ لتقواه وصلاح حاله.
أما شخصيته ؛ وصفه ابوه السلطان عبد المجيد الأول أنه “شكاك وكتوم”، ويقول عنه “دوريس” في مؤلفه عن حياة السلطان عبدالحميد إنه كان غلاماً يميل الى العزلة والإنفراد وأن بينه وبين إخوته فرق عظيم في الأخلاق والعادات، فكان يتهرب دوماً من إخوته لا يشاركهم في ألعابهم، بل يتنحى ناحية ويأخذ في مراقبتهم وملاحظة ضحكهم ولهوهم بنظرات حزينة في بعض الأحيان يتخللها بريق يدل على الخوف والحذر.
وكذلك ذكر السلطان نفسه في مذكراته عن شخصيته الإنزوائية ومحاولة حاشية القصر السيطرة عليها وكيف تخلص من سيطرتها بدهائه وذكائه فقال:
أكثر من مرة، تعرضت للإنتقاد بسبب عيشي عيشة انزواء، أحسست فيها دائماً بالراحة، إن الإنسان ينشأ تحت تأثير الظروف التي هو فيها، وللتربية والتعليم دور خاص وعظيم في هذه النشأة.
أكثر من مرة، تعرضت للإنتقاد بسبب عيشي عيشة انزواء، أحسست فيها دائماً بالراحة، إن الإنسان ينشأ تحت تأثير الظروف التي هو فيها، وللتربية والتعليم دور خاص وعظيم في هذه النشأة.
لعلهم ينسون الظروف التي نشأتُ وترعرعت فيها لقد عاش إخوتي من بنين وبنات حياة مليئة بالعطف والدلال بينما كان أبي يعاملني معاملة سيئة وقاسية، لأسباب أجهلها. لم يعطف عليّ سوى أخي مراد المسكين، كانت حياتي منذ بدايتها متسمة بالجدية. ما أحببت اللعب أبداً. بدأت أفكر في الكون والوجود وأنا في مقتبل العمر. وكان حبي للخيال سبباً في تعرضي لزجر اساتذتي، وتكدير والدي وقد أدى عدم فهم الناس لأفكاري إلى انطوائي على نفسي انطواء كاملاً.
وعندما اعتليت كرسي الحكم خلفاً لأخي، وجدت نفسي محاطاً بأناس يريدون تقييدي بشباك من المؤامرات والدسائس.
ولكي أحافظ على حياتي وعرشي قررت أن أرد مكرهم بمكر أدهي وأمَرْ. ولقد عرفت وليتني ما عرفت طباع الناس في حبهم المنحرف لملذات الحياة، وارتضاءهم الذل في سبيلها، كنت أشعر بالقرف من التزلف الذليل.
فإذا كان ابتعادي عن الناس صحيحاً فذلك هو النتيجة الطبيعية لما تعرضت له في هذه الحياة.
فإذا كان ابتعادي عن الناس صحيحاً فذلك هو النتيجة الطبيعية لما تعرضت له في هذه الحياة.
أما الذين يعرفونني من قرب فإنهم يعرفون أنني رجل لين طيب القلب كما أن حياتي العائلية تثبت بأنني رحيم القلب ومحتاج للحب والعطف.
اترك تعليق: